مراكز "إسرائيلية" في  القدس.. تقديم المعرفة المزيفة للسياح أهم أهدافها

مراكز "إسرائيلية" في  القدس.. تقديم المعرفة المزيفة للسياح أهم أهدافها
سياح في القدس

القدس المحتلة - القسطل: مراكز ومؤسسات وهيئات تتبع للاحتلال الإسرائيلي، مهمتها الرئيسية تهويد مدينة القدس المحتلة عبر عدة استراتيجيات ومنهجيات، منها ما هو متعلق بطمس الهوية العربية والإسلامية للمدينة، خاصة من خلال التلاعب معرفيا في الروايات التي تقدم للسياح القادمين إلى القدس، وتوثق القسطل في هذه المادة عددا من هذه المراكز، هما: متحف قلعة القدس، مدينة داوود، مركز ديفيدسون.

متحف برج داوود (قلعة القدس)

يقع المتحف على مرتفع في الجهة الغربية لمدينة القدس، ويتميز بموقع استراتيجي مهم، إذ أنه يتموضع على أعلى مرتفع في المدينة بحيث يمكن من خلاله مشاهدة المدينة ومحيطها من كل الجهات تقريبا. أنشأ الاحتلال الإسرائيلي المتحف عام 1989 داخل قلعة القدس، ولعلّ المكان بحد ذاته يكشف زيف ما يقدمه من معرفة، لأن القلعة شاهدة على الحضارات التي عاشت في ظلها المدينة، ومن أهمها الحضارة العربية والإسلامية. 

وبالحديث أكثر عن قلعة القدس، فإن المصادر التاريخية تشير إلى أنها بنيت أيام اليبوسيين الأوائل، وهدمت وشيدت من جديد أكثر من مرة عبر تاريخها، لكن الاهتمام الشديد فيها من قبل المسلمين حافظ على بقائها حتى يومنا هذا، حيث أجرى فيها صلاح الدين الأيوبي إصلاحات بعد تحريره القدس، ويتضح من نقش تاريخي أن السلطان العثماني سليمان القانوني القانوني قد أمر في سنة 1531 ميلادي بترميمها.

واهتم العثمانيون بالقلعة كذلك، وأجروا عليها ترميمات خلال فترة حكمهم لفلسطين، وقد تمركزت فيها قوات الجيش العثماني الرابع، وتعاملت معها مركز دفاع عسكري مهم وزودتها بالذخائر اللازمة للدفاع عن القدس. 

يروي هذا التاريخ المختصر قصة القلعة التي تحولت وظيفتها في ظل الاحتلال الإسرائيلي، فبينما كانت مركزا مهما للدفاع عن القدس وهويتها الحقيقية، أصبحت القلعة بعد أن حوّلها الاحتلال إلى متحف أحد المراكز الرئيسية في الترويج لهوية مصطنعة ومزيفة للقدس تحاول حكومات الاحتلال المتعاقبة تكريسها وترسيخها من خلال "الخدمات المعرفية" التي تقدم للسياح على شكل جولات أو كتيبات أو محاضرات يجري فيها الترويج لتاريخ يهودي غير حقيقي للقدس.

ويدعي المتحف من خلال موقعه الالكتروني أنه يستعرض بتسلسل الفترات التاريخية التي مرت بها المدينة، ويستعرض الأحداث البارزة في كل فترة منها. ويمكن ملاحظة واكتشاف أهداف المتحف من خلال الرواية التاريخية التي يستعرضها حول وجود اليهود في القدس عبر فترات زمنية مختلفة، مدعيا أنه يرصد بموضوعية الشواهد الأولى على وجود استيطان بشري في القدس في الألف الثاني قبل الميلاد وانتهاء بالأحداث المركزية في منتصف القرن العشرين. 

مدينة داود 

عام 1986 تأسست جمعية إلعاد الاستيطانية، والتي تحظى في السنوات الأخيرة بشهرة واسعة لعلاقتها بالسيطرة على الممتلكات والأراضي والعقارات الفلسطينية في مدينة القدس، وأيضا ارتباطها بعمليات الحفر أسفل المسجد الأقصى وبالقرب منه. اللافت أن اسم الجمعية بالعبرية هو اختصار لعبارة "إلى مدينة داود" ما يعني أنها تركز اهتمامها في بناء هذا المفهوم الافتراضي من خلال التلاعب بالتاريخ أولا، ومن ثم تكريسه واقعا عمليا من خلال شواهد مادية مستحدثة. 

وتدّعي الجمعية الاستيطانية أن بلدة سلوان العربية الفلسطينية، قائمة على مدينة داود، رغم عدم اكتشافها من خلال البحث والتنقيب أي دليل على هذا الافتراض. ومع ذلك، تحاول الجمعية تغيير المشهد القائم في البلدة، وطمس هويتها من خلال الاستيطان العملي بعد فشلها في الجهد العلمي لإثبات هوية المكان، وهو ما يمكن اكتشافه في عملها على بناء أكثر من 40 بؤرة استيطانية في البلدة، علما أنه لم يكن في سلوان مستوطنا واحدا قبل عام 1990، وفق ما تشير دراسة بعنوان "دراسة للمعالم الأثرية المدرجة في موقع وزارة خارجية الاحتلال" نشر عام 2017 عبر الموقع الإلكتروني لأكاديمية دراسات اللاجئين - قسم الدراسات والأبحاث.

وتبيّن دراسة بعنوان "الحفريات والأنفاق الإسرائيلية فــي القــدس منــذ عــام 1967" للباحث يوسف النتشة نشرها عام 2019 أن جمعية إلعاد الاستيطانية هي الممول الرئيسي للتنقيبات التي تجري في سلوان وعمليات السيطرة على الممتلكات الإسرائيلية، ولها دور كذلك في محاولة ربط بعض الآثار في البلدة بالمسميات التوراتية وذلك بدعم وإسناد واعتماد من قبل المؤسسات الرسمية في حكومة الاحتلال وخاصة ما يسمى سلطة الحدائق الوطنية.

ويوضح الباحث عمر عبد ربه في دراسته المنشورة في مجلة جامعة بيت لحم عام 2019 بعنوان "علم الآثار ودوره في تكريس المشهد التوراتي في القدس: مدينة داود نموذجا"  أن جمعية إلعاد الاستيطانية تقوم بتمويل زيارات ميدانية لسياح أجانب إلى بلدة سلوان بهدف تقديم رواية توراتية حول المكان من خلال الترويج لروايات ذات طابع "قومي - ديني" حول المكان، مستفيدة من الآثار الموجودة فيه، والتي تثبت دراسات علمية أخرى عن عدم وجود علاقة لها بما يرد في الرواية الصهيونية.

ويشارك مركز ديفيدسون الذي يقع جنوبي المسجد الأقصى في ذات النشاط مع "مدينة داود" بالتعاون مع جمعية إلعاد. ويتبين من أرقام نشرها أنه ينسق لوصول ملايين الزوار سنويا، ولديه مجموعات من المرشدين مهمتهم شرح تاريخ القدس من وجهة نظر ادعاء الصهيونية، ويتبع المركز لمعهد وايزمان للعلوم، وإحدى مهام الأخير كما يذكر عبر موقعه الإلكتروني هو الترويج للمعرفة التي تتضمنها المساقات الرسمية في المدارس والجامعات.

 

. . .
رابط مختصر
مشاركة الخبر: